سبعُ حكايات كانت للأطفال

كان الغرابُ على غصن شجرة وهو يحملُ قطعة جبنٍ بمنقاره حين رأى الثعلب قادماً. واصل الثعلبُ طريقه مِن دون أن يلتفت إليه أو ينبس ببنت شفة. لقد كان بإمكانه أنْ يُلقي عليه تحيّةً لطيفة، لكنَّه يعلم أنّ الغرابَ سيعتبرُ تحيّتَه مجرّدَ حيلة ليحصُل على الجبن.

سبعُ حكايات كانت للأطفال
(رسمةٌ لحكاية "الغراب والثعلب" للافونتين)

الأرنب والسلحفاة

بطلُ هذه الحكاية أرنبٌ متبجِّحٌ عاش في إحدى الغابات في زمنٍ بعيد. تُقاسِمُه البطولةَ سلحفاةٌ عجوز، وتُؤدّي حيواناتٌ أُخرى أدواراً ثانويةً ليست ذات أهمية تُذكَر.

لم تكن السلحفاة تُكنُّ ودّاً للأرنب الذي كان، بحسب زعمها، يتهكّم منها دائماً؛ فهو، مثل جميع الأرانب، سريعٌ جدّاً، وهي، مثل جميع بنات جنسها، بطيئةٌ جدّاً. وذات يوم، أعلنت أنّها قرّرت أن تُلقّنه درساً لن ينساه.

اقتربت العجوزُ البطيئة من الشاب الرشيق، وتحدّتهُ بلهجةٍ واثقة أنْ يخوض سباقاً معها. اندهش الأرنب. كان ذلك بالتأكيد آخر ما توقّع سماعه منها. اعتقد، في البداية، أنَّ لوثةً أصابت دماغها، لكنه حين لمس إصرارها، قرّر قَبول التحدّي. لقد قرّر، هو الآخر، أن يجعل منها مسخرةً بين الحيوانات.

في اليوم المُحدَّد، اجتمعت مخلوقاتُ الغابة والغابات المجاورة لتشهدَ هذا السباق العجيب. أُعطيَت إشارةُ الانطلاق فاندفع الأرنبُ بأقصى سرعته، وبعد أقلَّ من دقيقةٍ تجاوز خطَّ الوصول، بينما كانت السلحفاةُ تجتهد لتخطو خطوتها الأولى بعيداً عن خطّ الانطلاق.

النملة والصرصور

في زمنٍ بعيد، عاشت نملةٌ مجتهدةٌ كانت تقضي فصل الصيف في جمع الطعام وتخزينه للشتاء. وغير بعيد عنها، عاش صرصورٌ كان يقضي كلَّ وقته في الغناء واللعب.

في إحدى ليالي الشتاء الباردة، وبينما كانت النملةُ وزوجُها الشَّيْصَبان (اسم ذكر النمل) جالسَين على أريكة وثيرة أمام المدفئة يُشاهدان فيلماً شيّقاً على التلفزيون ويستمتعان بصحنٍ مِن حبوب القمح التي جمعاها في الصيف، سمعا طرقاً على الباب.

كانَ الطارقَ جارُهما الصرصور الذي أنهكهُ الجوعُ والبرد. ودونَ أنْ يضطرّ إلى قول كلمةٍ واحدة، قدّمَت له النملةُ صحن حبوبٍ وملأ له زوجُها كأس مشروب ساخن، ثمّ أعدّا له كرسياً هزّازاً أمام المدفأة ودعياه ليُشاهد الفيلم معهما.

جحا وابنُه والحمار

هذه القصّة هي الأقصرُ في المجموعة؛ ذلك أنّ جحا ركب وابنُه الحمارَ، وشقّ طريقَه دون أنْ يُلقي بالاً لانتقادات وسائل الإعلام المدافعين عن حقوق الحيوان.

الغراب والثعلب

كان الغرابُ واقفاً على غصن شجرة وهو يحملُ قطعة جبنٍ بمنقاره حين رأى الثعلبَ المعروفَ بمكره قادماً من أسفل التلّة.

ومع أنَّ الثعلب لمحَ الطائر في أعلى الشجرة، إلّا أنه واصل طريقه مِن دون أن يلتفت إليه أو ينبس ببنت شفة. كان بإمكانه أنْ يُلقي عليه تحيّةً مسائيةً لطيفة، لكنَّه يعلم أنّ الغرابَ المسكينَ سيعتبرُ تحيّتَه مجرّدَ حيلة للحُصول على قطعة الجبن.

الراعي والذئب

كان أحدُ الرعاة يخرج بقطيع أغنامه كلّ صباحٍ إلى سفح الجبل. وحين يشعر بالملل، يأخذُ في الصراخ: “أنقذوني، لقد هاجم الذئبُ أغنامي”، فيهرع أهلُ قريته إليه لإنقاذه وأغنامَه، قبل أن يكتشفوا أنَّ الأمر مجرّد مزاح ثقيل.

فعل ذلك مرّتَين. وفي المرّة الثالثة، هاجمَ ذئبٌ قطيعه فعلاً، وبدل أنْ يصرخَ طالباً النجدة من أهل القرية الذين يعرف أنّهم لن يصلوا إليه إلّا بعد نصف ساعة، حمل الراعي عصاه الغليظة وراح يُطارد الذئبَ فولّى هذا هارباً. وحينها عاد إلى لعبته مجدَّداً.

بقرة اليتامى

هذه الحكايةُ غريبةٌ فعلاً؛ فالعنوان يُوحي بأنَّ البقرة هي بطلةُ الحكاية، بينما لا تأتي على ذِكرها سوى مرّة واحدة في مشهدٍ هامشي:

يُحكى أنَّ رجُلاً ماتت زوجتُه وتركت له ولدَين صغيرَين، فاضطرّ للزواج مُجدّداً. ولحُسن الحظّ، كانت زوجتُه الثانية طيّبة جدّاً، كانت تعتني بربيبَيها اليتيمَين، وتقوم بجميع أشغال البيت على أحسن وجه، بما في ذلك حلبُ البقرة.

جاك وشجرة الفاصوليا العجيبة

ثمّةَ بقرةٌ أيضاً في هذه الحكاية التي تقول إنَّ فتىً يُدعى جاك كان يعيش مع والدته، وكانا لا يملكان غير بقرة نحيفة لا تُدرّ سوى قليل من الحليب. وذات مرّة طلبت الأُمّ من ابنها أن يبيع البقرة لأنهما لم يعودا قادرَين على إطعامها.

في السوق، عرضَ أحدُهم شراء البقرة مقابل بضع حبّات من بذور الفاصوليا، فوافق جاك؛ إذ أقنعَه الرجُلُ بأنّها بذورٌ سحرية.

وكما كان متوقَّعاً، لقيَ الفتى ما لا أُذُن سمعت من شتائم والدته حين عاد إليها بالبذور. رفعَت يديها إلى السماء وتساءلت أيَّ ذنبٍ ارتكبته حتى ابتُليت بهذا الابن المعتوه، ثمّ لوّحت بالبذور مِن النافذة إلى فناء البيت.

في تلك الليلة، رأى في منامه أنَّ البذور أنبتت في اليوم التالي شجرةَ فاصوليا عملاقةً، فتسلّقها حتى وصل إلى قصر مليء بالكنوز… إلى آخر الحكاية.

حين أيقظه صياحُ أمّه في الصباح، فكّر في أنَّ شجرة الفاصوليا العملاقة (التي يُفترَض أنها نبتت البارحة وستجعلهما ثريَّين ابتداءً من اليوم) أثارت دهشتها، لكنّه وجدها تطلُب منه مرافقتها إلى السوق ليبحثا عن المحتال الذي أخذ منه بقرةً مقابل كمشة بذور. قالت له بالحرف الواحد: “بالكفّارة وصيام العام ماراني طالقاتو”.

كاتب وصحافي جزائري ومؤسّس موقع “رحبة”. من مواليد 1983. بدأ الكتابة الصحافية مدوّناً في 2005، قبل أن يعمل في عددٍ من المؤسّسات الصحافية الجزائرية والعربية، بين الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون. صدرت له مجموعة قصصية في 2008، ورواية في 2013.

لتصلك أحدث قصصنا على بريدك الإلكتروني
التعليقات
شاركنا رأيك!
لا توجد تعليقات!

قصص رائجة

معذرة, لا يوجد محتوي لعرضه!
قصص قريبة