“قناة الجزائر الدولية”… توفير أسباب الفشل؟
(مشهد من الجزائر العاصمة، 2015)

“قناة الجزائر الدولية”… توفير أسباب الفشل؟

لا تُبشّر المعطيات المتوفّرة حول المحطّة الإخبارية الجزائرية، التي بدأ بثُّها التجريبيُّ قبل أيّام، بميلاد قناة مؤثّرة وقادرة على منافسة قنوات الأخبار العالمية. لكنَّنا سنرى مؤشّرات سلبيةً أُخرى على شاشة المحطّة حتى قبل انطلاق بثّ برامجها رسمياً.

بعد فترة وجيزة مِن التحضير، ظَهرت مؤخَّراً، ضمن باقة التلفزيون الجزائري على مدار “نايل سات”، ما يُفترض أنها شاشةُ القناة التلفزيونية الدولية التي كان وزير الاتصال والناطق الرسميُّ باسم الحكومة الجزائرية، عمّار بلحيمر، قد أَعلن في فبراير/ شباط الماضي، اعتزام بلاده إطلاقها بهدف “تعزيز وجودها إقليمياً، وتحسين صورتها دولياً”.

لم يُعلَن، إلى الآن، عن تاريخ محدَّد لإطلاق القناة بشكل رسمي، وما يُبثُّ حالياً لا يعدو أنْ يكون مجرَّد إعلان عن أنَّ المشروع، الذي طال انتظارُه، دخل مرحلة التنفيذ فعلاً. لكن، وبالنظر إلى أنَّ التحضيرات لم تبدأ سوى قبل أسابيع قليلة، فقد يستغرقُ العمل على المشروع مزيداً مِن الأشهر قبل أن يَخرج إلى النور، إذا كان القائمون عليه يطمحون إلى إطلاق قناة تلفزيونية بمستوى القنوات الإخبارية العالمية.

 

صوتٌ غير مسموع

طيلة السنوات الماضية، ظلَّ عددٌ غيرُ قليل مِن الصحافيّين والأكاديميّين والسياسيّين الجزائريّين يتحدّثون عن ضرورة إطلاق قناة إخبارية دولية تتناول أحداث العالَم برؤية جزائرية وتُدافع عن مصالح البلاد الجيو- الإستراتيجية.

وخلال زيارةٍ له إلى الدوحة في إبريل/ نيسان 2008، اقترح صحافيّون جزائريّون يعملون في مؤسّسات إعلامية قطرية على الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، إنشاء قناة تلفزيونية دولية “تليق بحجم الجزائر وتاريخها ودورها”، وفق تعبيرهم. غير أنَّ المقترح لم يجد آذاناً صاغية في ظلّ سياسة إعلامية ظلّت تتّسم بالحذر والتردُّد.

قبل نحو سنة مِن ذلك، كانت الجزائر قد أطلقت محطّةَ راديو باسم “إذاعة الجزائر الدولية”، على أمل أن تجعل منها “صوتَ الجزائر في العالَم”، وهو شعار القناة التي تُبثُّ بأربع لغات؛ هي العربية والفرنسية والإنكليزية والإسبانية.

أخفقت “الإذاعة الدولية” في إسماع وجهة النظر الجزائرية حول القضايا الإقليمية والدولية

لكنَّ المحطّة، وطيلة قرابة عقدٍ ونصف مِن وجودها، أخفقَت في الأهداف التي سُطّرت لها؛ إذْ لم تنجح في إيصال وجهة النظر الجزائرية حول القضايا الإقليمية والدولية، ولم تتمكّن مِن أنْ تُصبح مصدراً موثوقاً للمعلومة، كما أنّها لم تَبرز بأيّة تغطيات متميّزة أو حصرية للأحداث العالَمية، مفضِّلةً الانكفاء إلى الخبر المحلّي.

لهذا الإخفاق أسابٌ كثيرة؛ مِن بينها شحُّ الإمكانيات اللوجستية والموارد البشرية، وهما عنصران لم ينفكّا يتقلّصان يوماً بعد يوم؛ فبعد أن كانت القناة تعتمد، مثلاً، عند انطلاقها، على شبكة تضمُّ قرابة خمسين مراسِلاً في عدد من العواصم العربية والغربية، بات هؤلاء يُعدّون اليوم على أصابع اليد الواحدة.

غير أنَّ السببَ الأبرز يتمثّل في غلبة الطابع الرسمي على أدائها، سواءٌ مِن حيث ترتيب الأخبار وطريقة معالجتها، وهي في ذلك لا تختلف عن أيّة وسيلة إعلامية حكومية أُخرى.

يرجع ذلك، في جزءٍ منه، إلى عدم الحسم في طبيعة القناة مِن الأساس: هل هي قناة دولية تُعطي الأولوية للخبر الدولي، أم هي قناة إخبارية تهتمُّ بالخبر أوّلاً مِن دون الاهتمام بكونه دوليّاً أو وطنيّاً. كثيراً ما كان الخيار يُحسَم لفائدة التوجُّه الثاني. وهكذا، ظلّت الأولوية دائماً للأخبار الرسمية المتمثِّلة في خطابات الرئيس ورسائله ونشاطات المسؤولين الحكوميّين وتصريحاتهم، إلى جانب بقيّة الأخبار الوطنية التي لا تهمُّ المستمع غير الجزائري (وربّما الجزائري أيضاً)، وهو ما جعلها تُشبه بقية المحطّات الإذاعية في الجزائر.

في المحصّلة لم تتمكَّن “الدولية” مِن بناء قاعدة مِن المتابِعين خارج البلاد ولا داخلها، خصوصاً مع عدم الاكتراث الرسميّ بها، والذي يتجلّى على سبيل المثال في عدم توفير تردُّداتٍ لها تُوصِل ما تبثّه مِن برامج ونشرات إخبارية إلى أبعدَ من “شارع الشهداء” في الجزائر العاصمة، على العكس مِن الاهتمام الذي تحظى به قنواتٌ إذاعية أُخرى؛ مِن بينها “جيل أف أم” (انطلقت عام 2012) التي تُبثُّ عبر تردُّدات كثيرة.

وإنْ كنّا لا نتوفَّر على معطيات دقيقة وموثوقة حول ترتيب القنوات الإذاعية الجزائرية مِن حيث أعداد المستمِعين، فإنَّ الموقع الإلكتروني للإذاعة الجزائرية يُشير إلى أنَّ برامج “إذاعة الجزائر الدولية” تحتل المرتبة الرابعة، مِن حيث الاستماع عبر الإنترنت، بعد كلّ مِن برامج “القناة الثالثة” و”جيل أف أم” و”القناة الأولى”.

 

“يعملون في صمت”

يجري التحضير للمشروع التلفزيوني وسْط تكتُّم يبدو مبالَغاً فيه. فباستثناء تصريحات وزير الاتصال الذي عاد في إبريل/ نيسان الماضي إلى الحديث عن أهداف القناة التلفزيونية الجديدة في حوارٍ مع موقعَين إلكترونيَّين جزائريَّين، لم تُقدِّم الحكومةُ الجزائرية أيّة معلومات حول سَير التحضيرات للمشروع، ولا عن الميزانية التي رصدتها له، كما لم يُعلَن، إلى اليوم، عن فتح مسابقات لتوظيف الصحافيّين والمراسِلين والتقنيّين.

مِن شأن الإعلان عن الميزانية المخصَّصة للقناة أنْ يُضفي شفافيةً على المشروع، ويُعطي فكرةً عن مدى جديّته؛ فالمؤكَّد أنَّ إنشاء محطّةٍ إخبارية قادرة على منافسة القنوات العربية والأجنبية البارزة في هذا المجال يتطلّب موارد مالية (وبشرية) ضخمة.

لعلَّ مِن المفيد، هنا، الإشارة إلى أنَّ قناة “الجزيرة” القطرية، على سبيل المثال، انطلقت عام 1996 بميزانية بلغت 150 مليون دولار أميركي، بينما أطلقت السعودية قناة “العربية” في 2003 بميزانية وصلت إلى 200 مليون دولار. أمّا قنوات “فرانس 24″، التي انطلقت نسختُها العربية عام 2007، فتستفيد من ميزانية تُقدَّر بـ 80 مليون يورو سنوياً. وتُخصِّص الإدارة الأميركية أزيد من 700 مليون دولار لنشاطاتها الإعلامية الموجّهة إلى الخارج، ومِن ضمنها قناة “الحرّة” التي أطلقتها بعد سنة واحدة من غزو العراق عام 2003، في حين تصل ميزانية قنوات “آر تي” الحكومية الروسية إلى 220 مليون دولار.

يتطلَّب الأمر إستراتيجية إعلامية دقيقةً وواضحة لا يبدو أنّها متوفّرة في الوقت الحالي

ليس واضحاً إنْ كانت السلطات الجزائرية مستعدّةً للإنفاق ببذخ على القناة التلفزيونية الجديدة في وقتٍ لا يعيش الاقتصاد الوطنيُّ أفضل حالاته، مع استمرار جائحة كورونا وانهيار أسعار النفط، ومِن مظاهر هذا الوضع انهيارُ العملة الوطنية بمستويات قياسية أمام اليورو والدولار، والعجزُ غير المسبوق في الميزانية العامّة لعام 2021، والذي بلغ نحو 24 مليار دولار أميركي، وهو ما دفع إلى تقليص الإنفاق الحكومي إلى قرابة النصف وتجميد كثير من المشاريع في قطاعات مختلفة.

وفي مشهدٍ إعلامي عالميّ يعجُّ بالقنوات الإخبارية التي تحتدم المنافسة بين أجنداتها السياسية، لا يَعني عدمُ الانفاق غير أمرٍ واحد؛ وهو الخروجُ بقناةٍ هزيلة وعاجزة عن المنافَسة. لكنَّ المؤكَّد كذلك أنَّ الإنفاق السخيَّ لا يكفي لوحده، بل يتطلَّب الأمرُ إستراتيجية دقيقةً وواضحة لا يبدو أنّها متوفّرة في الوقت الحالي.

 

مِن وإلى…

منذ بداية التحضير لها، كانَ واضحاً أنَّ ثمّة توجُّه لأن تكون “قناةُ الجزائر الدولية” مستقلّةً إدارياً ومالياً عن مؤسَّسة التلفزيون الجزائري الحكومية التي باتت تضمُّ ثماني قنواتٍ تلفزيونية مع إطلاق “القناة الشبابية” في يوليو/ تمّوز الماضي.

هكذا، عُهد بالمشروع إلى صحافيَّين جزائريَّين قدما مِن قناة “الجزيرة”؛ هُما نصر الدين علوي ومحمد دحو اللذين شكّلا فريقاً مصغَّراً مِن الصحافيّين والمراسِلين والتقنيّين، وحضّروا، انطلاقاً مِن مقرّ مؤقَّت في “قصر المعارض” شرقَي الجزائر العاصمة، نشرةً تجريبية في يوليو/ تمّوز الماضي قدّمتها المذيعة السابقة في قنوات “بي إن سبورت”، آنيا الأفندي، وعُرضت على رئاسة الجمهورية.

لكنَّ الأمورَ ستسير بشكلٍ دراماتيكي سيُفاجئ حتّى المكلَّفين بالتحضير للقناة؛ فبينما كانَ هؤلاء ينتظرون ضوءاً أخضرَ للمضيّ قُدُماً فيما بدأوا فيه، ظهرَت عبر الأقمار الصناعية تردُّدات قناة تحمل اسم “AL 24 NEWS”، ما يعني سحْبَ المشروع مِنهم وتحويله إلى جهة أُخرى.

ظهرت تردُّدات القناة بينما كان المكلّفون بالتحضير لها ينتظرون الضوء الأخضر مِن الرئاسة

وليست واضحةً الجهةُ التي تكونُ السلطاتُ قد أَسندت إليها أمرَ المشروع. لكنَّ الاسمَ الذي ظهرت به القناةُ الجديدةُ هو نفسُه الاسمُ الذي “أبدعته” شركةُ إنتاجٍ خاصّةٌ تملكها ابنةُ أمينٍ عام سابق في رئاسة الجمهورية، ضمن مشروعٍ لإنشاء قناة إخبارية دولية كانت قد اقترحَته على الرئاسة في السنوات الأخيرة مِن حُكم بوتفليقة.

ويعني ذلك أنَّ “أصحاب القرار” اعتمدوا، في النهاية، مشروعَ الشركةِ الخاصّة التي اقترحت اسمَ القناة وصمّمت شعارَها، بينما يكونون قد فكّروا في إسناد المشروع برمّته إلى سمير عقّون، الصحافيِّ السابق في الإذاعة الجزائرية، والذي عمل مديراً للأخبار في قناة “دزاير تي في” – انطلقت في 2013 وتوقّفت عن البثّ في 2020 – التي يصفها كثيرون بأنّها كانت الأكثر مهنيةً بين القنوات التلفزيونية الخاّصة في الجزائر، قبل أنْ يُعيَّن مستشاراً للرئيس تبّون في يونيو/ حزيران مِن العام الماضي.

كان ذلك مجرّد اقتراحٍ لم يجرِ المضيُّ فيه بسبب الرغبة في الاحتفاظ بعقّون في مبنى الرئاسة، ليكون البديلُ هذه المرّة هو الصحافي ومخرج الأفلام الوثائقية، سليم عقار، الذي يتولّى إدارة “متحف السينما الجزائرية” منذ 2018، والذي يكون قد باشر اتصالاته لتشكيل نواةٍ جديدة للقناة.

 

مؤشّرات سلبية

 لا تُبشّر المعطيات المتوفّرة بميلاد قناة قوية. لكنَّنا سنرى مؤشّرات سلبيةً أُخرى على شاشة المحطّة حتى قبل انطلاق بثّ برامجها رسمياً.

تُخبرنا التجارُب أنَّ المشاريع الإعلامية الكبيرة تولَد كبيرةً منذ إطلالتها الأُولى. وهذا ما لم يتحقَّق في إطلالة “AL 24 NEWS” التي بدت مخيّبةً لكثيرين؛ فالشعارُ – الذي نبّهت بعض التعليقات على مواقع التواصُل الاجتماعي إلى الشبه الكبير بينه وبين شعار قناة “I24 news” الإسرائيلية – يَعكس فقراً مدقِعاً في الذائقة الجمالية، ويُنذِر بمستوىً متدنٍّ مِن ناحية الهوية البصرية، وهو ما قد يجعَل القناةَ بعيدةً عن منافسة المحطّات الإخبارية البارزة التي تُولي الإبهارَ البصري أهميّةً لا تقلُّ عن تلك التي توليها للمضامين.

أمّا التسمية، فتشي باستسهال وجفاف في المخيّلة الإبداعية؛ فبدل التفكير في اسمٍ جذّاب ويعكس بُعداً تاريخياً أو جغرافياً أو ثقافياً، جرى الاكتفاء بحرفَين لا يُحيلان إلى الجزائر في شيء، بل يُمثّلان (للمفارقة) الاختصار الرسمي لجمهورية ألبانيا، بينما يُذكِّر رقم 24 بقنوات “فرانس 24″، وهو رقمٌ جرى تمييعُه باستخدامه في مئات الصُّحف والمواقع والقنوات الإذاعية والتلفزيونية، تماماً مثلما جرى تمييع كلمة “News”.

تُظهِر التسمية والشعار استسهالاً وجفافاً في المخيّلة الإبداعية والذائقة الجمالية

قد تعكس الصورة الباهتة التي ظهرت بها القناة استعجالاً لتكون جاهزة في الأوّل مِن نوفمبر/ تشرين الثاني (عيد الثورة) المقبِل. لكنَّ إطلاقها باسمها وشعارها الحاليَّين ومِن دون تفكيرٍ في هويتها البصرية قد يُؤدّي إلى الدخول، مستقبَلاً، في دوّامةٍ لا نهائية مِن “خُطط التطوير”.

إضافةً إلى ذلك، تبدو عبارة “قناة الجزائر الدولية” المكتوبة أسفلَ الشعار لغواً زائداً؛ إذ بإمكانك أن تُنشئ قناةً إخبارية دولية مِن دون أنْ تكون مضطرّاً إلى شرح ذلك كتابةً أو قولاً.

اللافتُ أنَّ العبارة كُتبت بخطّ مجّاني، بينما تعتمدُ المؤسّسات الإعلامية (وغير الإعلامية أيضاً) المحترفةُ خطوطاً حصرية مدفوعة – لا تكلّف سوى قرابة 3000 دولار (قرابة 600 ألف دينار جزائري) – تشكِّل جزءاً أصيلاً مِن هويتها البصرية.

 

تُحيلُنا مسألة “اللغو” إلى الجانب التحريري؛ فمثلما لا يُمكن النجاحُ في تسويق خطاب إعلامي بتغليفٍ رديء، لا يُمكن فعلُ ذلك مِن دون حرية ومهنية وموضوعية، وهي عناصرُ لا تزالُ محطَّ تساؤل في أداء الإعلام الحكومي في الجزائر.

وليس مؤكَّداً إنْ كانت “قناة الجزائر الدولية” ستعتمدُ أسلوباً عصرياً وذكياً ورصيناً ومتوازناً وموضوعياً، أمْ ستُكرّر تجارُب الإعلام العربي التقليدي وتعمد إلى الخطاب الفجّ والمباشر بما يجعلها أقرب إلى وسيلة دعائية.

ولا شكَّ أنَّ أكبر تحدٍّ ستُواجهه المحطّةُ هو النجاح في “تحسين صورة الجزائر في الخارج”؛ الهدفِ المعلَن مِن المشروع، والذي يبدو أنَّ “صانعي القرار” يُصدّقون أنَّ قناةً تلفزيونية أو شبكة قنواتٍ تكفي لتحقيقه، حتّى مِن دون تنمية وديمقراطية حقيقية وحرية تعبير وحرية صحافة وحريات فردية.

مِن المؤكَّد أنَّ القائمين على القناة التلفزيونية الجديدة سيكونون مدعوّين إلى فحص تجربة “الإذاعة الدولية” حتّى لا يُكرّروا أخطاءها. مِن دون ذلك، سنفتحُ شاشاتنا قريباً على قناةٍ تلفزيونية أُخرى رديئة وغير مؤثّرة.

كاتب وصحافي جزائري ومؤسّس موقع “رحبة”. من مواليد 1983. بدأ الكتابة الصحافية مدوّناً في 2005، قبل أن يعمل في عددٍ من المؤسّسات الصحافية الجزائرية والعربية، بين الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون. صدرت له مجموعة قصصية في 2008، ورواية في 2013.

لتصلك أحدث قصصنا على بريدك الإلكتروني
التعليقات
شاركنا رأيك!
لا توجد تعليقات!

قصص رائجة

معذرة, لا يوجد محتوي لعرضه!
قصص قريبة