لاهور.. مدينة الحجارة المسحورة
مشهد من لاهور (موقع الخطوط الجوية التركية)

لاهور.. مدينة الحجارة المسحورة

لاهور مدينة عجائبية تقع في باكستان التي لا نسمع عنها إلا أخبار الانقلابات والاغتيالات السياسية ومطاردة المتطرّفين والخوف من حرب نووية مع الجارة الهند. لكن لاهور تقع في باكستان أخرى، وعليك كي تراها أن تترك نفسك ضحية الانبهار.

إذا كنت تبحث عن مدينة سحرية فما عليك سوى التوغل في آسيا. وهناك ستكون بعيدا جدا عن تلك المدن التي تستطيع أن تسقط عليها التاريخ فيحكي لك قصتها بالتفاصيل المملة. هنا، يكون الزمان مثل كرات ثلج تذوب كلما لامس الحجارة. إذا زرت مدينة في أعماق آسيا فلا تسأل عن تاريخها وإنما ابحث عن أسطورتها.

لاهور مدينة عجائبية تقع في باكستان التي لا نسمع عنها إلا أخبار الانقلابات والاغتيالات السياسية ومطاردة المتطرّفين والخوف من حرب نووية مع الجارة الهند. لكن لاهور تقع في باكستان أخرى، وعليك كي تراها أن تترك نفسك ضحية الانبهار.

المعماريون هم أبطال مدينة لاهور، إلا أنهم مجهولون، خفتت أسمائهم خلف الجبابرة والملوك الذين بنوا قصورا وحصونا لأغراض أبعد ما تكون عن الفن أو المتعة ولكننا اليوم نستمتع بها كذلك.

قيل: بعثها للوجود ابن راما بطل الملحمة الهندية الرمايانا. لكننا يجب أن نعلم أننا في باكستان وليس في الهند. لذلك يتقاطع الإسلام مع الأسطورة لينتج هذا المكان العجيب. ففي حين تشهد على هذا التاريخ نقوش في المباني القديمة، تطل المآذن من كل مكان في بانوراما لاهور. والجوامع عنصر حيوي في حياة اللاهوريين يتمتعون بقربها ومعاشرتها وتدور أغلب فصول حياتهم حول كوكبها.

المعماريون هم أبطال مدينة لاهور، إلا أنهم مجهولون، خفتت أسمائهم خلف الجبابرة والملوك

منذ سنة 1021 بدأنا نجد أثرها في مدونات الرحالة الأوروبيين، كانوا يتحدثون عن بريقها ولم يتطرقوا لأي جانب من جوانب حياتها اليومية. المغول هم من جعلوها مدينة مهمة في المنطقة، أو بالأحرى مدينة مرهوبة الجانب. ففي فتوحات الهند كانت قاعدة الغزنويين وصارت عاصمة ثانية لهم. ووقتها دخلها الفكر ليشارك السحر في تكوينها. لقد أصبحت مقرا للعلماء والفلاسفة.

مرّ منها جنكيز خان واحترمها، وبقيت تحت أنظار أحفاده المغول لمدة ثلاثة قرون. تنافس أمراؤها على البناء والتشييد، وبذلك أثروا معمارها حتى حولوها إلى تحفة خالدة. الملك المعروف “أكبر” كان يعشق المدينة، واستسلم لسحرها فجعلها عاصمته من 1584 إلى  1598.

اليوم لاهور هي عاصمة إقليم البنجاب الباكستاني. خلال القرون الثلاثة الأخيرة، تداخلت الروح الشرقية فيها بالعقلية البريطانية ولكن كل أعدائها اشتركوا في عنصر واحد وهي أنهم زادوها جمالا . وإلى اليوم، ورغم الحروب والمشادات مع الجار الهندي، فان استوديوهات بولييود تتزاحم لتصوير أفلامها في لاهور علما أنها لا تبعد عن الحدود المشتركة سوى 18 كلم ولكنها لا تمس بسوء، وكأنها مدينة مقدسة. 

 ليست المباني وحدها مفخرة لاهور. فالحدائق توحي برفاهية في الذوق، وتوقف تلك الضبابية التي تحيط بها لكي تتوضح الرؤية لبعض الوقت. حدائق شاليمار عمرها اليوم 350 عاما وهي أقرب حدائق العالم من عالم ألف ليلة وليلة وفيها تقع سلسلة من النافورات الجميلة التي ألهمت طاغور قصائد.

بماذا تشبه هذه العناصر تلك الصورة التي اخترعها النظام العالمي لباكستان منذ عقود؟

باحثة في العلوم الاقتصادية، مهتمة بفهم الاستراتيجيات الشعبية في مواجهة النموذج الرأسمالي. تعمل حالياً في مجال السياحة.

لتصلك أحدث قصصنا على بريدك الإلكتروني
التعليقات
شاركنا رأيك!
لا توجد تعليقات!

قصص رائجة

معذرة, لا يوجد محتوي لعرضه!
قصص قريبة