بدل أن ننظر إلى أعماق شخصية مريم في الفيلم الذي تعرضه منصّة "نتفليكس"، ننشغل بمطاردة الممثلة التي جسّدتها. لكن، مهلاً، ماذا لو كان ذلك هو الدور الحقيقي الذي دُعيت منى زكي لتأديته... أي أن تلعب دور ضحية جمهور لا يعرف قواعد لعبة المشاهدة؟
بينما حاول أغلب من بقي من رفاقه أخذ موقع في اللعبة السياسية بعد ثورة 2011، حرص الكاتب والسياسي اليساري، الذي تمرّ اليوم ذكرى رحيله الأُولى، على أخذ مسافة من السلطة، وظلّ يرفض كلَّ مصالحة مغشوشة بين الشعب التونسي ومن امتصّوا دماءه خلال عقود الاضطهاد.
غادر المفكّر البيئي عالمنا بعيداً عن مسقط رأسه، وهو ابتعادٌ لا يقتصر على المستوى الجغرافي فحسب، فقد كانت الجزائر حاضرةً في كتاباته، غير أنّ استفادته منه كمفكّر وعالم زراعة كانت ضئيلةً جدّاً.
يُفترض أنْ تُطفئ شمعتك الستّين اليوم. لكن، هل كان ممكناً أن تبلغ هذه السن بقلب يحمل مشاريع إبداعية كبيرة في بيئة مطفأة القلب؟ لا أخفيك أنّني أعتقد أنّك قتيل الانكسارات الفنّية لا السكتة القلبية. كلّ ما لم تنجزه كان غصّة في قلبك، فكم كان قلبك سيحتمل يا شوقي؟
تلقي المخرجة الفرنسية، جولي تالون، أسئلتها عن الجنس على مراهقين في معاهد فرنسا بين الرابعة عشرة والثانية والعشرين، فنتوقّع أن يتلعثم المتحدّثون أو تحمرّ وجوههم وهُم يجيبون عنها. لكن، وفي ما عدا استثناءات قليلة، تأتي الردود هادئة وواثقة، بل عالمةً وتفصيلية.
لن يرى الأطفال من فيلم الرسوم المتحركة الياباني إلا سلسلة من المغامرات، بينما تقع رسالته في مكان آخر، موجّهة إلى أولئك الذين عبروا من الطفولة إلى مراحل عمرية أُخرى دون الوقوع تحت مرمى الأسئلة المحرجة والقاسية.
هناك أكثر من ناقوس خطر يقرعه الكاتبُ التونسيُّ في عمله الأخير الصادر هذا العام. لكنَّ الخطرَ الأكبر هو أن تكون مصائرُ الناس في منطقتنا العربية محكومة بعقول الحد الأدنى من المعرفة وتخطيطات الأيادي المرتعشة.
يحبّ الزعيمُ الهندي أن يفكّر بأبسط الوسائل وأن يُزعزع أكبر المعضلات. ربما يستطيع أن يفعل ذلك مع معضلات كثيرة يشهدها عالمنا اليوم. هنا معجمٌ صغير نستطيع من خلاله سماعه في ما هو أبعد من أقواله المكرّسة ورؤيته في ما هو أكثر دلالةً من ردائه الفريد.
لئن كان الرئيس الجزائري، الذي رحل أمس السبت، قد تنحّى عن السُّلطة رسمياً في خضمّ الحراك الشعبي عام 2019، فإنَّ كثيرين يعتقدون أنّه لم يعُد يحكم فعلياً قبل ذلك بكثير، أيْ منذ إصابته بوعكةٍ صحّية في 2005، أو على الأقلّ منذ إصابته بـ"نوبةٍ إقفارية" في 2013.
بمزيج مركَّب مِن مواد أرشيفية ولقاءات مع السكّان المحليّين، يروي وثائقيُّ المخرِج النمساوي، هوبرت ساوبر، أكثر مِن قصّة عن كوبا. غير أنّ الفيلم ليس عن "جزيرة كاسترو" وحسب، إنّما أيضاً عن اختلاق الخطاب السينمائي الأميركي عن الولايات المتّحدة "منقِذة العالَم".
لا تُبشّر المعطيات المتوفّرة حول المحطّة الإخبارية الجزائرية، التي بدأ بثُّها التجريبيُّ قبل أيّام، بميلاد قناة مؤثّرة وقادرة على منافسة قنوات الأخبار العالمية. لكنَّنا سنرى مؤشّرات سلبيةً أُخرى على شاشة المحطّة حتى قبل انطلاق بثّ برامجها رسمياً.
يوثّق الكتاب، الصادر حديثاً، للثورة التونسية، كاشفاً بذلك ما تخلّفت عنه الدولة على مدى تاريخ بعيد، حين عجزت عن إرساء تنمية فاعلة وأهدرت كلّ فرص التصالح مع الشعب، وصولاً إلى تاريخ أقرب حين أهملت واجباتها تجاه الذاكرة الجمعية.
بالاستناد إلى أمثلة مِن التاريخ السياسي القريب، تقترح السلسلة الوثائقية، التي أنتجتها "نتفليكس"، ستَّ قواعد تُشكّل خطوات عملية لصناعة طاغية. ماذا لو أدخلنا الحالة التونسية الراهنة تحت فحص تلك القواعد؟
يبدو أنَّ اسم المخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو، المتوَّجة بـ"السعفة الذهبية" في الدورة الأخيرة مِن "مهرجان كان"، سيتردّد كثيراً في السنوات المقبلة؛ فقد فتحت الباب أمام سينما تذهب بعيداً في تصوير العنف. ومِن الواضح أنَّ ذلك يلقى ترحيباً في مجتمع السينما العالمي.