وقع إلياس، وكذا أنا، في غرام أغاني الشاب حسني، واكتشفنا أنّنا لا نريد أن نسمع سواه! وهنا بات يسألني عن كلمات الأغاني كما لو أنّي وهراني أباً عن جد! الأمر شاق يا إلياس! الأمر شاق يا قوم! ولا يتعدّى الأمر التقاطي لبعض العبارات. لكن صوت حسني كفيل بكل شيء.
على الأرجح أنّ فتحي الأخرس يُضاجع صباح الهبلة عند الساقية. وليخفي الأمر، لجأ لجماعة الشائعات فاخترعوا شائعة أنّ روحًا تحوم حول الساقية لشاب قُتل أو انتحر عندها، وأنّ صباح تشتهي الكلاب وقد أنجبت من أحدها كائنًا مَخفيًّا في سرايا مهجورة على طرف القرية.
مندهشاً، يُتابع حفيدي من الشرفة اليمامةَ وهي تمرُّ بجوار السيّارات الرابضة، ثم تصعد إلى الرصيف وهي مستمرّة في البحث عن الطعام. منظرُها أعجبه. ينفتح بابُ بيتٍ أمامي ويخرج منه رجُلٌ يتّجه إلى عمله. تطير اليمامة وحفيدي بتابعها مشيراً إليها: عصفورة عصفورة!
الرجُل المنشغل بقراءة جريدة في زاوية من المقهى يأسر قلبي منذ سنوات المراهقة. وها قد تحوّلت جلستي الآن، في وجود سي لخضر المستغانمي؛ شاعر الملحون الذي أحفظ كلّ قصائده وأحتفظ بصُوَره وتصريحاته وحواراته الصحافية، إلى لحظات من القلق الممزوج بفرحة طفولية.
خفق قلبُه بينما راح يُشرِع باب الخزانة الموارِب، وهو يسترجع ما حدث ليلة أمس. للحظةٍ شعر أنه قد جُرِّد مِن ملابسه. خبط كفّاً بكفّ، ثم خبط على رأسه مِن الصدمة وهو يرمق الخزانة الخاوية. مدّ أصابعه يتحسّسها كأنه لا يصدّق عينَيه، لكنَّ الفراغ هو ما لمسَته.
تصرَّف بوبي بشكل سيّء بينما كان ثمّة ضيوفٌ على مائدة العشاء، فركله أبي. بعد مغادرة الضيوف، انتبَهنا إلى غيابه. بحثنا في كلّ أرجاء البيت مِن دون أن نعثر عليه. "ربّما أعرف مكانه". قال أبي ذلك، وطلب منّا أنْ نرافقه إلى كوخٍ بناه في مزرعةٍ له غير بعيدة.
أتذكَّر لقطةَ الهدف الذي سجَّلَه محرز أمام زيمبابوي. في تلك اللحظة شعرتُ بغيرة لا تُوصَف، فنحن الكُراتُ نغار مِن بعضنا البعض. والحقيقةُ أنَّني عشتُ أيّاماً عصيبة. صارت غيرتي ناراً وقودُها كلُّ الصور والفيديوهات التي نشرَتها تلك الكرة لتتباهى بما حدث.
لديه مشكلةٌ معي. أعرف ذلك؛ فأنا زبونٌ ثقيلٌ يقضي نهاره ملتصقاً بالكرسيِّ دون أنْ يسمح لزبائن آخرين بالتداوُل عليه بطريقةٍ سلمية كما يُفترَض في أيِّ مقهىً محترم. بعضُ الملتصقين يحتاجون ثورةً ليتزحزحوا عن أماكنهم، وثورةُ النادلِ المتذمّر لم تأتِ أبداً.