الرجُل المنشغل بقراءة جريدة في زاوية من المقهى يأسر قلبي منذ سنوات المراهقة. وها قد تحوّلت جلستي الآن، في وجود سي لخضر المستغانمي؛ شاعر الملحون الذي أحفظ كلّ قصائده وأحتفظ بصُوَره وتصريحاته وحواراته الصحافية، إلى لحظات من القلق الممزوج بفرحة طفولية.
أتذكَّر لقطةَ الهدف الذي سجَّلَه محرز أمام زيمبابوي. في تلك اللحظة شعرتُ بغيرة لا تُوصَف، فنحن الكُراتُ نغار مِن بعضنا البعض. والحقيقةُ أنَّني عشتُ أيّاماً عصيبة. صارت غيرتي ناراً وقودُها كلُّ الصور والفيديوهات التي نشرَتها تلك الكرة لتتباهى بما حدث.
لم يدخل والدي مدرسة يوماً، واكتفى بكُتّاب القرية؛ حيث حفظ بعض أجزاء القرآن الكريم. غير أنه كان يتمتّع بثقافة واسعة وسُرعة بديهة في فنّ الحديث لا حدود لها. كانت شخصيّتُه تلمع في الجلسات، وكان نجم الأعراس والمواعيد الحاسمة التي تتطلّبُ مُتحدِّثا جيّداً.
أُقيمت على شرف الحَكم الإسباني مأدبةُ عشاء كان السمكُ طبقَها الرئيسي. ولعلَّ المنظمّين ظنّوا أنه الاختيار الأفضَل، غير أنَّ الضيف سيُغادر المطعم مستاءً: "توقّعتُ أن يكون الكسكسيّ أوَّل طبَقٍ أتناوله في بلدكم... لكنَّ السمك جعلني أشعر أنّني لم أغادر برشلونة".