هل لأن اليهوديّ قد عرف تشرّدا في التاريخ لا بدّ له من تشريد آخر، فكان لا بدّ من قتل الفلسطيني ليدرك الإسرائيلي المتَصَهْين أنّه حيٌّ وحي يُرزق ويُزْهِقُ. هل كان لا بدّ من التّنكيل بهذا الفلسطيني ليطمئن هو أنّه لم يَـعد مُنكّلاً به؟
بينما حاول أغلب من بقي من رفاقه أخذ موقع في اللعبة السياسية بعد ثورة 2011، حرص الكاتب والسياسي اليساري، الذي تمرّ اليوم ذكرى رحيله الأُولى، على أخذ مسافة من السلطة، وظلّ يرفض كلَّ مصالحة مغشوشة بين الشعب التونسي ومن امتصّوا دماءه خلال عقود الاضطهاد.
يوثّق الكتاب، الصادر حديثاً، للثورة التونسية، كاشفاً بذلك ما تخلّفت عنه الدولة على مدى تاريخ بعيد، حين عجزت عن إرساء تنمية فاعلة وأهدرت كلّ فرص التصالح مع الشعب، وصولاً إلى تاريخ أقرب حين أهملت واجباتها تجاه الذاكرة الجمعية.
قطَعَ مشروعُ الوحدة بين البلدَين أشواطاً إلى الأمام. وبدا أنَّ الطرفَين استفادا مِن تجربة الوحدة التونسية الليبية التي مُنيت بالفشل؛ إذ طَرحا مشروع دستور اتحادي للنقاش "الجماهيري". غير أنَّ انتفاضة الخامس مِن أكتوبر/ تشرين الأوَّل 1988 ستنسف المشروع برمّته.